إنّ المتبع للشأن الداخلي لمقاطعة كيفه سوف يحار من تهافت جلّ
الفاعلين السياسيين على مائدة المقاطعة ؛ و محاولة كل واحد منهم و
بصفته الشخصية أن يأكل منها بأصابعه العشر و بشهية مفتوحة يريد
البلدية و النيابيات و المجلس الجهوية في آن واحد؛ و أن ينتدب أيضا
لمؤتمر الحزب الحاكم.
حلف ولد الغوث
فجرت مقترحات الترشح على الحزب الحاكم أزمة صامتة كانت داخل
هذا الحلف الوليد بين قطبيه الكبيرين النائب محمد محمود ولد الغوث و
رجل الأعمال لمرابط ولد الطالب ألمين.
يتذرع ولد الغوث لجماعته بأنّ ترشحه للنيابيات كان طبيعيا؛ لأنّه كان
يشغل هذا المنصب ؛ و رجل الأعمال لم يبح له قط بنيته في الترشح
قبل هذا .
كذالك فإنّ لمرابط يعلل ترشحه لجماعته بجهده الجبار في إلتآم كلمتها
و ما يحظى به من دعم لديها.
و حقيقة الأمر فإنّ النائب ولد الغوث يرتاب في حليفه لمرابط منذ زمن و
يشمّ فيه رائحة غريمه ولد محمد الراظي من يوم الأول ؛ بل و يرى في
الأمر مكيدة ضده.
و يقوّي هذه الوساوس ؛ تمركز الإجتماعات القبلية عند منزل لمرابط بدلا
من منزل الرمز ولد الغوث ؛ و ما يحظى به من دعم صريح من معارضي
مشيخته القبيلية ؛كذالك ما يجده لمرابط أيضا من مباركة خفية من حلف
سيد محمد.
أمّا لمرابط فهو يرمي شيخه القبلي بالأنا و التعالي عليه ؛ و أنّه لا يطيق
أن يرى في الحلبة سواه.
و لكنّ الذي صار من المجمع عليه الآن هو أنّ الشرخ في الحلف قد وقع
بترشح الرجلين قطعا؛ و عهد التشرذم فيه قد رجع إلى عهده الماضي ؛
نصيب لحلف سيد محمد و نصيب آخر لحلف إجّ .
و الضربة القاضية على حلف ولد الغوث ؛ سوف تكون في الأيام القادمة
حين يمتنع الحزب الحاكم عن قبول أحد مترشحيه ولد الغوث و ولد
الطالب ألمين ؛ ففي ذالك اليوم المشؤوم على حلف ولد الغوث سوف
تجهز مراسيم الدفن؛ و تقسم التركة على القوى التقليدية الأخرى ؛
ولو كرر ولد الغوث مغاضبته و ترشح من جديد من خارج عباءة الحزب
الحاكم ؛ فإنّه لن يسعفه ذالك ؛ ولن يجد القبول الذي لاقاه في
الأنتخابات الماضية ؛ ( لأنّ النور الذي كان في وجهه ذهب) ؛ وصار أعرج
بتفكك حلفه.