يا شعبنا الصابر.. المبتلى..
يوم بعد آخر، تتسع مساحة الأزمة الوطنية و تتجذر في تشعباتها و تعقد حلولها، كما تتقلص تبعا لذلك فسحة الأمل في الخروج منها دون تكلفة مرهقة للبلد و أهله. فقد انطبق الأفق على غمة شعب لا يسعى لأكثر من الحصول على مقومات الحياة في حدها الأدنى، برغم ما يزخر به وطنه من ثروات باطنية و خارجية، ناضبة و متجددة . فقد تحول شعبنا في ظل الجماعة الحاكمة إلى قطيع من العبيد المجوعين في ملة لا تخشى الله و لا ترحم الضعفاء ، و لا عهد لها بقيم النخوة . و مع أن شعبنا لم يستثن أسلوبا و لا تعبيرا من أساليب و تعابير النضال السلمي الديموقراطي إلا و جربه ليسمع آلامه و يبلغ آماله، إلا أن آذان حكامه ظلت محشوة بالنحاس المذاب . و لقد كان آخر حلقة من مسلسل الإهانات التي يتلذذ بها المسؤولون الحكوميون في شعبهم هي جملة الإجراءات التعسفية بحق الطلاب ، الذين هم رجال الغد و مستقبل البلد ؛ إذ لم يكتف هذا النظام بتدمير حياة الشعب الموريتاني في حاضره ، بل تجاوز ذلك إلى تدميره في مستقبله، عبر تعميم الجهل و التجهيل بتحطيم المستقبل العلمي و المعرفي لآلاف الطلاب ، الذين منعوا من حقوقهم في المنحة الوطنية، التي هي الوسيلة الوحيدة لهؤلاء الطلاب في تنقلهم الجامعي ، و في غذائهم و شراء بعض مستلزمات الدراسة و في إنجاز البحوث العلمية، برغم هزالها أصلا و عدم انتظام دفعها. لقد تعرض الطلاب، منذ أكثر من شهر، أثناء احتجاجاتهم السلمية و المبررة لحملات بطش و قمع وحشي لإجبارهم على التسليم بالتفريط في مستقبلهم العلمي ، و الاستدارة ، بدلا من ذاك، نحو أوكار دوائر الفساد السياسي ، التي تشتغل لاغتيال الأمل و إنسانية الإنسان في هذا الشعب و بخاصة القوى الشبابية منه، بتحويله إلى شبه حيوانات تافهة تتسقط طعامها في فضلات المتخمين من زمر الفساد و الإفساد، و بتحويل البلاد إلى مقبرة عامة تنعدم فيها أنواع الحياة المادية و المعنوية.
إننا في حزب الوطن إذ ندين بأشد عبارات الإدانة و الاستهجان حملة القمع و الاعتقالات في صفوف الطلاب دون وجه شرعي ، فإننا نعلن تضامننا معهم و نشد على أيديهم في نضالهم السلمي ، الديموقراطي و الحضاري ، الذي كشف الوجه العسكرتاري الدكتاتوري الحقيقي للنظام ، و عراه من كل الشعارات الوطنية التي كان يتلبسها، حتى يرفعوا تلك الإجراءات التعسفية الظالمة بحقهم، و حق مستقبل بلد و شعب.
عاش النضال الطلابي السلمي من أجل انتزاع الحقوق .. عاش الأحرار من الشباب الموريتاني الذين يقاومون آلة البطش الحكومي، في سبيل إحقاق الديموقراطية و الحياة الكريمة و تحرير الشعب من الاسترقاق السياسي..
أمانة الإعلام .
نواكشوط في 15/03/2018.