أن يطبّل للنظام أحد جنوده فذاك أمر طبيعي؛ و لا يستدعي لوما؛و أن يصفّق عضو من أعضاء الحزب الحاكم للنظام القائم فذاك دوره؛ولا يحتاج لعتاب؛ بل نطلب من المنصفين إحترامه و تقديمه؛ و من قواد حزبه تكريمه و اعتباره.
و أن يتطوّع فرد لا ينتمي لحزب و لا يعبأ بنظام بالتزلف و التملّق للنظام أو قيادة حزبه الحاكم فله الخيار في ذالك؛ لا تثريب عليه؛فهو يلبّي رغبة دفينة من ( اتلحليح ) في قرارة نفسه؛ أو له حاجة في نفس يعقوب الموريتاني لم يقضها بعد.
كلّ هذا طبيعي جدا ؛ وعليه أن لا يثير ردودا و أن لا يشمئزّ نفسا؛ و من العدل و الديمقراطية أن نحترم للناس أذواقهم؛ ولو كانت سقيمة.
لكن أن يقوم عضو منتسب لحزب معارض؛ بالتصفيق للحزب الذي يعارضه ؛ و أن يمدح النظام الذي يقمع مناضليه؛ فهذا أمر( غريب و مستهجن ) بحقّ؛ و يعتبر انحرافا خطير ا ليس في سلوك هذا العضو فقط؛ بل في سلوك النخبة أيضا.
تصرف هذا المناضل ليس غريبا في وطننا العزيز؛ بل تجده في كافة الأحزاب؛ و في طبقات النخب المثقفة جميعا.
فهناك قناعة راسخة أنّ المعارضة ليست إلا مطيّة للفت الأنتباه من أجل أبتزاز النظام في التوظيف؛ و أنّها ليست سلوكا و لا حتى فكرا يدان به؛ و لا ضير من ركوبها في تحقيق الأغراض.
فكم من قيادي معارض بالأمس يسبّ و يشتم النظام القائم عليه؛ و في الغد هاوهو يمدحه و يثني عليه من دون أن ينسحب من حزبه المعارض.
لعلّ مردّ هذا كلّه هو هشاشة بنية أحزابنا التي تضمّ كثيرا و كثيرا من النخب الفاسدة التي لا همّ إلا التوظيف و الأسترزاق بهموم الشعب.
و لذا تبقى تلك النخب المسيطرة على القرار الحزبي في جلّ أحزابنا عاجزة أن تعاقب أيّ عضو على سلوكه؛ خشية أن يلحقه هو أوار ذالك الطرد.