كيفه: “أنا ابادر إذا أنا موجود”/ مقال ينتقد أطر لعصابه

” مبادرة “

“أنا ابادر إذا أنا موجود”

أنا جرح غائر في جبين المثقف .

أنا الضمير في البلاد السائبة ، بل في بلاد السيبة ،لازلت موجودا لكنني لم أعد اسمع حداء ديلول و لا حديث النخل و لا حمحمة جياد ابن عامر .

ضلت قوافلي منذ عهد سحيق محملة بالملح و الصمغ ، و بالنخوة و الأنفة ؛ فرحت أتلمس طريقا أبحث فيها عن متسع أصدقه و لا يخدعني ، أؤنبه فيسمعني. و عن ذاكرة لا أغيب عنها ؛ فقد غيبوني عن أحزاب ؛ فانبت “التواصل” بينها و ساد الإرتباك سياستها .

وعن مبادرة بدت في مهب الريح مبحوحة الصوت ، و عن أخرى كانت في عين العاصفة يتوعدها الجشع بشق الصف كل حين ، و قد تبعثرت اوراقها في أزقة المدينة تبعثر الفقراء على أرض شنقيط .
و عن أخرى جاءت سيئة الإخراج ، مبتورة المقدمات و مبهمة الأهداف ، يتفنن أصحابها في آخر صيحات التزلف.

كثرت المبادرات و المهاترات في هذه الأيام ، فتشابه البقر… و آثرت التسكع بين السطور ، أفتش عن فصاحة منشودة ، عن كلمات أتأبطها في موسم الهجرة كي أزداد كيل بعير .
ذلك أنني وجدت النضال قد مات شهيدا خارج أسوار المدينة الفاضلة ، فهو في أرضنا ليس إلا كلمات تلهب حماس الجماهير و تخرس اللسان أمام الإغراءات المادية.

فكانت الحسرة و الأسى تملآن البيادر ، و عصافير الحرث تنتشي طربا من أجل الفتات .

لقد كثرت زقزقتها في كل مكان .. فوق السقوف و تحت السطوح و بين دفتي كتاب.

زقزقة شعب علمته ليالي الحرمان أن يقتات على الصراخ ، و تشرب نخبته الشهد نخب التملق و النفاق.

شعب يتباهى ساسته بطرا بالرياء ، يتبرع سادته لغير ملهوف ، و لا يتورع جلاده عن دوس الكرامة في وضح النهار ، و نشر خطاب الكراهية في المساء.

شعب عاسر المخاض ستين عاما، فما أنجب إلا وطنا يمزقه الفساد و تشوهه خطابات جاهلية منتنة .

لذا أنا أبادر كي أكون موجودا .

الحسن محمد الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى