كان قادما من إحدى بوادي هذا الوطن المختطف و يبدو أنه كان مصابا بمرض بسيط لو وجد عناية في الوقت المناسب ترافقه أختاه رقية و زينب و كانت ملامح ضيق ذات اليد بادية على الثلاثة لا تخطئها عين الناظر في الثياب الرثة و الأحذية البالية .
كان حمادي المريض يسبح بحمد ربه دائما و يسأل عن الطبيب و عن وقت حضوره وقد فات المسكين أن الطبيب في ذلك الوقت يتجول داخل برصة لبيع السيارات بحثا عن سيارة من مودل يباهي به رفيق دربه الذي اشترى سيارة الشهر الماضي حيث سبقه للعمل في العيادة.
مرت ساعات و ساعات و رقية تروح أخاه بطرف ملحفتها فالغرفة ضيقة و لا تكييف و لا مراويح ، أما زينب فتجلس أمام المستشفى لأنها منعها البواب من الدخول و لا أحد تعرفه يدخلها و لا نقود تدفعها للبواب مقابل الدخول و قد حيل بينها و بين حمادي و رقية حيث لا هواتف محمولة و إن كانت فالشبكة مفقودة و لا أحد حرس المستشفى مستعد لأن يأتيها بخبر عن أخيها..!!!!
في داخل الغرفة طال انتظار حمادي و ألح في السؤال عن الطبيب ( أين الطبيب ؟ أين الطبيب ؟ نادوا عليه ! نادوا عليه !) و ماهي إلا لحظات حتى حشرجت و ضاق بها الصدر….. يجلس و يتكئ ذات اليمين و ذات الشمال و العرق يتصبب من جبينه و يقول لأخته في صوت خافت ( ودعتكم الملان و الواعر الشاشره) ثم عاد إلى تسبيحه قبل أن يختم على لسانه ثم لفظ نفسه الأخير .
خيم صمت رهيب على الغرفة لم يقطعه إلا دخول تلميذ متدرب يحمل سماعة على رقبته جعلها على صدر حمادي و فتح عينه و التفت إلى رقية قائلا ( الموت خالڨ ألا هي ) بكت رقية بكاء شديدا و بعد أن هدأ روعها من كان بجنبها من مرافقين لمرضى ربما ينتظرون نفس المصير نظرت إلى عامل النظافة الذي كان منشغلا بهاتفه الذكي طلبت منه أن يخبر أختها زينب التي تجلس في الشمس أمام المستشفى خبر وفاة أخيها لم يكترث لطلبها و رد عليها بعد دقائق ( أنا واحل )
خرجت رقية من الغرفة ثم دخلت ثم خرجت ثم دخلت و هي تكفكف دمعها و تقول :
(أنا هذي أشلاهي أنعدل )!!!!!؟؟؟
ازيدبيه حدمين