لسنا بحاجة إلى تقديم الحجج والبراهين لإثبات هذه الحقيقة لأنه لا أحد ينكر ذلك، ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن العدل هو ايضا أساس العمران والتقدم.
لكم ولنا الحق في أن نطرح الأسئلة الخمسة التالية:
١ – هل من العدل تعطيل الدستور (المادة 93) والأحتكام إلى أي قانون هو من المعلوم أنه أضعف منه؟
٢ – هل من العدل أن يتم توقيف الرئيس السابق والمقربين منه لعدة أيام مع مدة تحقيق لا تتجاوز في مجملها ساعة والتنكيل بهم وان لا يتم توقيف غيرهم من المشمولين 317 الآخرين ؟
٣ – هل من العدل أن يحرم البعض من الحركة خارج العاصمة انواكشوط وفي نفس الوقت بعض المشمولين في الملف أحرار في تحركاتهم بل بعضهم مازال يتولى مسؤولياته في أجهزة الدولة وكانه ليس معنى بالتحقيق؟
–
٤ – هل من العدل أن يتم استدعاء وزراء لعدة مرات للتحقيق معهم رغم أنهم لم ترد أسماءهم في التحقيق فقط لأنهم تبنوا موقفا سياسيا وعبروا عنه أمام الملأ (السيد اسلكو ولد أحمد ازيد بيه موقوف الآن والسيد سيدنا عالي ولد محمد خونا) ولم يتم استدعاء وزراء آخرين للتحقيق معهم لأنهم اختاروا السكوت والخنوع؟
٥ – هل من العدل أن يتم توقيف السيد محمد ولد امصبوع وهو الذي لم يستفد من أي صفقة ولم يكن مسؤولا في الجهاز التنفيذي والتنكيل به فقط لأنه صهر الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز؟
——–
أنه لا يوجد مبرر واحد لعدم إقامة العدل والعمل به مهما يكن حجم الجرائم المرتكبة ومهما يكن التفاوت في المسؤوليات وفي المواقف السياسية وفي المرتبة الاجتماعية للمشمولين الثلاث مائة وسبعة عشر في ملف التحقيق المزعوم.
ولايعتبر التراجع عن التحقيق في حالة عدم القدرة على إقامة العدل مذمة او ضعفا بل هو رجوع إلى الحق (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).
ولا اقصد بالتراجع عن التحقيق الذي بدا واضحا أنه أوصلنا إلى الطريق المسدود، أن تضع الحرب على الفساد أوزارها وإنما هي دعوة إلى التعقل وعدم الرضوخ للعواطف الهدامة وتصفية الحسابات السياسية والتي هي من وجهة نظري، وراء سلسلة الأحداث التي نشهدها اليوم. خصوصا، أن الجميع أصبح يدرك أن النتائج المتوخاة من التحقيق جاءت عكسية فبدل استرجاع اموال عمومية كان يفترض انها آلت إلى غير وجهتها، أنفقت الدولة ومازالت تنفق مبالغ ضخمة من المال العمومي في هذا الملف وفي هذه الظرفية الاقتصادية الإستثنائية التي يعيشها بلدنا على قرار كافة دول العالم جراء الأثار السلبية التي أحدثها فيروس كورنا.
ومن ناحية اخرى، ولما كان العدل اساس العمران فإنه من البديهي أنه بفقدان هذا الأساس لا يمكن أبدا لأي خطة تنموية مهما كانت عبقرية مختريعها ومهما كان حجم الموارد المرصودة لها أن تحدث تغييرا في الواقع الذي نعيشه لفقدانها لشرط صحة البداية و الأساس.
إننا اذن، بحكم واجبنا الوطني والأخلاقي، نطالب كل الموريتانيين بالدعوة إلى إقامة العدل والوقوف معه او التراجع عن هذه الإجراءات التي، هي من وجهة نظري، لا تعدو كونها اجراءات تم اتخاذها لتسخير قوة الدولة ومواردها لإشباع رغبات عند بعض الأشخاص ممن يحملون في قلوبهم غلا للرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز ومن المقربين منه ومن من وقف معه.
د. محمد ولد جبريل