لقد استقبلني رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزاني يوم 28أغشت 2020 وناقشنا، معا، الوضعية العامة التي تمر بها البلاد. وقد أولاني كل الاهتمام ومنحني الوقت الكافي لمبادلة الآراء في جو من الصراحة الذي يقتضيه استقبال رئيس دولة لمواطن يمثل جزءا من الرأي العام. ويسعدني هنا أن أعبر له عن شكري على حسن الإستقبال المعتاد فيه وعلى قدرته على الاستماع.
ضمن المواضيع التي تطرقنا لها، أسجل الاعتراف بالأحزاب والروابط المحظورة حتى الآن، وما سيسفر عنه عمل اللجنة البرلمانية، واعتناء العدالة والسلطة التنفيذية بالقضاء على الحكامة غير الرشيدة والإفلات من العقوبة. وإن التطمينات التي قدمها الرئيس توحي بأنه لن تكون هناك تصفية حسابات ولا محاباة بما يتماشى مع تصريحاته السابقة بشأن فصل السلطات الذي يكرسه الدستور.
وإنني، مع ما يستدعي الأمر من تحفظ، أدعم هذا التوجه غير المسبوق في تاريخ موريتانيا منذ الإطاحة بالحكم المدني سنة 1978.
وأذكر بأن تجذر الرشوة وانتشارها يتطلب، من هذه اللحظة، الصرامة وعدم التسامح وملاحقة الشهادات المزورة في الوظيفة العمومية والقبلية والترقيات غير المستحقة. إن الرشوة تزيد وتيرة الفقر لأنها عمل مخجل يدعو إلى الانتقاص. فموريتانيا لم تعد تملك من القوة ما يمكنها من مواصلة تغطية جرائم افتراس المال العام في حين أن غالبية سكانها، من كل الانتماءات، تطالب بدولة القانون وجبر الأضرار والإنصاف وأقل قدر من الكرامة المادية.
وقد بدا لي رئيس الجمهورية مصمما على منح الأولوية لعقد اجتماعي جديد مبني على أساس الأحقية والكفاءة والعدالة في الفرص، بعيدا عن الشهادات المزورة والحظوة العرقية والمحاباة.
وقد كررت له مسعانا الأكيد في مضافرة الجهود على درب إعادة بناء البلاد وهيئاتها وقوانينها. وعندما يلتزم النظام بمثل تلك التعهدات فلن يعدم دعمنا. وعندما ينحرف أو يتردد فسوف نذكره بمهامه ونقدم مقترحاتنا البديلة السلمية. لقد بدا لنا ان عهد الصدامات قد ولى لأن موريتانيا تغيرت منذ تناوب يونيو 2019. وإني لمؤمن أن الأمل الذي قاسى وضحى من أجله رفاق كفاحي أصبح في المتناول. وإنني لأعبر لهم عن مدى فخري بأنني حملت على عاتقي مطالبهم المشروعة.
واليوم لا مندوحة لي عن الإشادة بإخوتي وأخواتي، العاملين بعرق جبينهم، والمزارعين، والصيادين والعمال الذين أتعهد لهم بالنصر دون كلل ولا انتقام.
وكذلك انتهز الفرصة للتذكير بفارغ صبرنا للمشاركة في اللعبة السباسية، نحن وحلفاؤنا، في العلن وضمن آليات مرخصة من قبل القانون، وهو ما يفسر طول انتظارنا للاعتراف. إننا موريتانيون بكل المقاييس ولسنا خطرا عاما، ومعنا ستترعرع الديمقراطية وتتقدم بخطى واثقة .
و من هنا حتى تحقيق الاعتراف بنا، اريد ان اذكر ببعض مطالبنا التي يتصامم عنها الكثير من الاطراف لدواعي التقصير او الايدولوجيا:
1- إصلاح التعليم الوطني في ضوء تعميم اللغات الأجنبية والوطنية، بعيدا عن الأحادية اللغوية الحالية التي تعد مصدرا للتمييز والبطالة والتطرف الديني. إن من واجب المدرسة العمومية أن تصبح، مجددا، ركيزة للوحدة والامتياز.
2- إلغاء القانون المعروف بقانون العفو الصادر سنة 1993، الشاتم لضحايا العنصرية الأبرياء والمانع لنشر الحقيقة والمثبط لأمل الناجين في الشعور بأنهم آمنون في بلدهم.
3-تصميم أفضل للمجلس الأعلى للقضاء على معاقبة موظفي العدالة عندما يعيقون تطبيق القوانين في مجال تجريم ممارسة الرق والممارسات المصاحبة له.
4-إلغاء المادة 306 من القانون الجنائي، لأن موريتانيا لا يمكنها أن تظل بين فكي ازدواجية محاربة الارهاب، وفي ذات الوقت تطبق جزءا من البرنامج القضائي للتطرف العنيف.
5-اندماجنا التام في التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا حيث يشتكي العديد من مواطنين العاملين هناك من المضايقات ومن غياب المردودية. فلماذا الامتناع عن العودة للمنظومة الغرب إفريقية وماذا استفدنا من الخروج منها .
6-توقيع الحكومة لبيان خاص يخول للمحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب استقبال شكاوى الروابط والخواص. فعدد كبير من الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي سبقونا لذلك.
7-المصادقة على قانون روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، وهي التشريع الوحيد الذي يشكل حائلا أمام مخاطر الإبادة الجماعية. فبحسب أي منطق عقلاني تبقى موريتانيا على هامش كتلة أصبحت من الآن فصاعدا ذات صلاحيات عالمية؟
8- اعتماد إجراءات تعبوية وعقابية مثالية في حق مرتكبي مخالفة قطع الأشجار والمتمالئين معهم، وكذا في حق من يعمدون إلى المساس بالتوازن البيئي، وذلك من خلال تعزيز عقوبات المخالفات المتعلقة بحرمة “التراث الطبيعي”. أن من المناسب ان نستبدل تجارة الفحم الخشبي بالاستثمار الشامل في مجال الطاقات المتجددة وبدمقرطة الولوج إلى غاز البوتان.
9- إعادة نشر السفارات حسب كثافة مواطنينا في الخارج وحسب المصالح الإستراتيجية للبلاد. نفس الضرورة تملي على موريتانيا بأن لا يكون لها غير الأصدقاء وأن تتحاشى المغامرة بقطع العلاقات الدبلوماسية إلا في حالة العداء السافر لبلد آخر.
10- اعادة رموز الأمة التي تم تشويهها خاصة العلم والنشيد الوطنيين