ﺍﻧﺘﺒﺬﺕ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻗﺼﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻷﻃﻠﺴﻲ ﺃﺻﻴﻼﻻ ، ﻓﻜﻨﺖ ﺃﺳﺎﺋﻠﻪ ﻋﻦ ﻭﻃﻨﻲ ، ﻭ ﻋﻦ ﺣﺸﺮﺟﺔ ﺿﺎﻕ ﺑﻬﺎ ﺻﺪﺭﻱ ، ﻓﻴﺠﻴﺒﻨﻲ ﺑﻨﺴﻴﻢ ﻋﻠﻴﻞ ﻳﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺩﻋﺔ ﺗﻨﺴﻲ ﺣﺮﺍﺭﺓ ﻫﻀﺎﺏ ﻟﻌﺼﺎﺑﺔ ﻭ ﻇﻤﺄ ﺃﻳﺎﻣﻬﺎ ؛ ﺇﺫ ﻻ ﺑﺤﺮ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻟﻬﻢ ﻫﻨﺎﻙ ﻭ ﻻ ﺣﻮﺕ ﻳﺒﻠﻊ ﺍﻟﻐﻢ ..
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ ﺭﺃﻳﺖ ﺷﺒﺎﻛﺎ ﻭ ﺷﺮﺍﻛﺎ ، ﻭ ﺻﻴﺎﺩﺍ ﺟﻠﺪﺍ ﺟﺴﻮﺭﺍ ، ﺷﺪﺕ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﻤﺘﻪ ﺃﻡ ﻛﺎﺩﺣﺔ ﺗﺨﺘﺒﺊ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺠﺎﻋﻴﺪ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﻭ ﻳﺘﻄﻬﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻋﺮﻕ ﺟﺒﻴﻨﻬﺎ .
ﻓﺎﺗﺨﺬﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺧﻴﻄﺎ ﻳﺮﺑﻄﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻭﺃﺭﻛﺐ ﻣﻮﺝ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺍﻟﻬﺎﺋﺞ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ، ﻟﻴﺴﺤﻘﻨﻲ ﻓﻲ ﻗﻔﺎﺭ ﺗﻨﺎﻏﻤﺖ ﺇﻳﺠﺎﺑﺎ ﻣﻊ ﺃﻣﻮﺍﺝ ﺍﻟﻘﺤﻂ ﺍﻟﺰﺍﺣﻒ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﺍﻟﻨﺎﺳﻒ ﻟﻜﻞ ﻭﻋﺪ ﺗﺸﺪﻕ ﺑﻪ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺠﻴﻢ ، ﻓﺄﻛﺘﺸﻒ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﺘﺄﺧﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻷﻣﻞ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻮﻧﺔ ﺗﻨﻔﺦ ﺑﺎﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺨﺪﺍﻋﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺮﻧﺎﻧﺔ، ﻭ ﺗﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺯﺍﺋﻔﺔ ﺗﻔﻀﺤﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ ﻵﺧﺮ ﺻﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﺍﺿﻲ ﺍﻟﻤﻮﻏﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ .
ﻓﺄﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻠﻬﻲ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺮ ﺑﺒﻌﺾ ﺃﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺏ، ﻓﻼ ﺃﺳﺘﺤﻀﺮ ﻏﻴﺮ ﺑﻜﺎﺀ ﺣﻤﺎﻣﺎﺕ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﻳﺒﺎﺏ ، ﻋﻠﻰ ﺃﻃﻼﻝ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﻨﺪﺭﺱ .. ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻐﺎﺯﻟﺔ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻟﻸﻣﻮﺍﺝ ﻭ ﻣﻼﻃﻔﺔ ﺍﻟﻨﺴﻴﻢ ﻟﻺﺣﺴﺎﺱ ﺩﻏﺪﻏﺖ ﻣﺸﺎﻋﺮﻱ ﻗﻠﻴﻼ ، ﻟﺘﺸﺪﻧﻲ ﺗﺮﺍﻧﻴﻢ ﺍﻟﺒﻮﺡ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﻨﺮﺟﺴﻴﺔ ﻭ ﺗﻀﺨﻢ ﺍﻷﻧﺎ ، ﻭ ﻟﻜﻦ ﺃﺑﺖ ﺃﻭﺗﺎﺭ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻥ ﺗﺠﻮﺩ ﺑﻠﺤﻦ ﻳﺘﻨﺎﻏﻢ ﻭ ﻧﺒﻞ ﺍﻟﻤﺴﻌﻰ ؛ ﻓﻘﺪ ﺿﺎﻗﺖ ﻟﻴﺎﻟﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﻣﺮﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭ ﺍﻷﻧﺲ ..
ﻭ ﺿﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻲ ﺇﻻ ﺑﺄﻓﻜﺎﺭ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﺗﻌﻴﺐ ﺍﻹﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ، ﻭ ﺗﺘﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﺤﺴﻮﺑﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺰﺑﻮﻧﻴﺔ ﻭ ﺗﻤﺠﺪ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ .
ﻭ ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﺳﺄﻇﻞ ﺃﻃﻮﻑ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﺎ ﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ . ﻭ ﺃﺣﺎﺟﺞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻫﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ ؛ ﻓﻘﺪ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻏﺒﺎﺕ ﻏﺎﻳﺔ ﻻ ﺗﺤﺘﺮﻡ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ؛ ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻄﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ .
ﻭ ﺳﺄﺑﻘﻰ ﺃﻓﺘﺶ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺮﺁﺓ ﻋﻦ ﺳﺮ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ ، ﻭ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻘﻬﻘﺮ ﻭ ﺍﻟﺘﺸﻈﻲ ، ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺑﻨﻴﺔ ﻣﺘﻴﻨﺔ ﻟﻪ ﻭ ﺳﺤﻨﺔ ﺑﻬﻴﺔ ﺃﻓﺎﺧﺮ ﺑﻬﻤﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻢ .
ﻭ ﺣﻴﻦ ﺍﺑﺘﻌﺪﺕ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻃﺊ ﻭﺟﺪﺗﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﺼﻴﻒ ﺃﺗﻨﻔﺲ ﺩﺧﺎﻥ ﻭﻋﻮﺩ ﺃﺷﻌﻠﺘﻬﺎ ﺃﻟﺴﻦ ﺍﻟﺨﻄﺒﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﻼﺀ ، ﻭ ﺃﺳﻤﻊ ﺧﻮﺍﺭ ﺑﻘﺮﺍﺕ ﺗﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﻖ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺠﺪ ﺍﻷﻋﻼﻑ .
ﻭﺃﺭﻯ ﺷﻌﺒﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺷﻐﻠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺘﺴﺠﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻟﻮﺍﺋﺢ ﺍﻟﻤﻌﺪﻣﻴﻦ .. ﻭ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﺍﻗﻌﺪ ﻭ ﺍﻧﺘﻈﺮ ! ﻓﺤﺪﺛﻮﻩ ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻃﻮﻳﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻭ ﺍﻷﻋﺮﺍﺽ، ﻭ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ، ﻭ ﺃﻃﻨﺒﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﻭ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﺮﺓ ﻭ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ !
ﻭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻳﻨﻈﺮ ﻭ ﻳﻨﺘﻈﺮ !!
ﺇﻧﻪ ﺷﻌﺐ ﺑﺎﺕ ﻛﺼﺒﻴﺔ ﺗﺨﺪﻋﻬﻢ ﺃﻣﻬﻢ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ ﺑﻘﺪﺭ ﺗﻤﻠﺆﻫﺎ ﺑﻤﺎﺀ ﻭ ﺗﻘﻮﻝ : ﺍﻧﺘﻈﺮﻭﺍ ﺳﻴﻨﻀﺞ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ !
ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ