إن المتتبع للشأن السياسي اليوم يلاحظ بوضوح شدة التنافس بين الفرقاء السياسيين على تحمل المسؤوليات المختلفة سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو بلدية أو غيرها … فكل يحاول بما أوتي من قوة المال و الجاه و السلطان أن يحوز قصب السبق في هذه الاستحقاقات الانتخابية أو تلك ناسيا أو متناسيا أن الدين الإسلامي بقدرما رغب في تحمل المسؤولية لمن له القدرة على ذلك بقدرما حذر من خطورة ذلك التحمل لمن لا يجد في نفسه الكفاءة و القدرة على القيام بمهامه على الوجه المطلوب و لنا في سلفنا الصالح القدوة الحسنة فلنعد إلى سيرتهم و لنقتد بنهجهم.
إن هذه المسؤوليات تدخل بلاشك في صميم الأمانة التي عرض الله سبحانه و تعالى على السماوات و الأرض و الجبال فأعرضن عنها خوفا و شفقة و قبل تحملها الانسان لظلمه و جهله.
و كيف لا يكون أمر هذه المسؤوليات عظيم و النبي صلى الله عليه و سلم يقول: كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته…
و يقول صلى الله عليه و سلم: “مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ”.
وفي رواية لمسلم: “ثُمَّ لاَ يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ”؟
إن الساعين اليوم إلى تحمل هذه السؤوليات لا ينظرون في الغالب إلا إلى جانبها الدنيوي و ما تستطيع أن تدره من فوائد مادية و معنوية على متحملها غير عابئين بما تنطوي عليه هذه المسؤوليات من خطورة على مصير الشخص يوم يقف بين يدي الله تعالى و هو غاش لرعيته فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم و ينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم و ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجه.
إن على الذين يزكون أنفسهم لدرجة قدرتهم على تحمل المسؤوليات أن يضعوا نصب أعينهم خطورة و جسامة هذه المسؤوليات مهما قل شأنها فلا توجد مسؤولية إلا و يتعلق بها حق لشخص أو أشخاص و بالتالي يكون التقصير فيها غشا يعرض صاحبه للحرمان من الجنة كما قال صلى الله عليه و سلم.
محمد محمود العتيق