جميل جدا أن تجد حراكا محليا ينشط و يعبئ و يبذل وقته في سبيل همّ عام ؛
و من ضحوا فيه ليس لهم من نصيب فيه سوى ما يجده العامة فيه.
و أجمل من هذا ما وجدناه في أبطال حراك ‘‘ إرواية كيفه ‘‘ و ذالك حين
عرفناهم فجلّهم لا يملكون وظائف و لا مقاعد أمامية في المجتمع و لا أبواقا
صاخبة بتمجيد الفرد .
إنّهم فتية آمنوا بعدالة قضيتهم في توفير الماء الصالح للشرب لمدينتهم؛ التي
تخلّف عنها المسؤول و السياسي و صاحب القرار؛ فأخذوا على عاتقهم الدفاع
عنها ؛ و إبلاغ صوتهم إلى جميع مراكز القرار في البلد ؛ بما في ذالك ساكنة
القصر الرمادي.
و اليوم و بعد أن نجحوا في جعل قضيتهم قضية وطنية ؛ تستبق الرآسة إلى
أخذ مطالبهم المشروعة ؛ و تتزين الوزارة الأولى بالإصغاء إلى شكاويهم.
فإنّه من الطبيعي جدا أن يدبّ الخلاف و الأنشقاق و التنافر بين أقطابها
الأصليين و أولائك الملحقين المزيفين بهم.
لماذا ؟
لأنّ حراك ‘‘ إرواية كيفه ‘‘ كان أصلا يحمل بذور فنائه ؛ فمن بينهم السياسي
المرتزق ؛ و المتحمس المتوهر ؛ و الصادق الغيور ؛ و الأمعة التي تذهب مع كلّ
رياح تهب.
‘‘ إرواية كيفه ‘‘ أخذها شباب صادقون لكن قضيتهم و عرق جبينهم كان هناك
من يتربص بها ؛ و خاصة بعض الأحزاب التي تحسن ركوب كلّ موجة .
و هذه النقطة الأخيرة تنبها لها أصحاب الحراك ؛ فبادروا بتوزيع بيان صحفي
يوضحون فيه موقفهم من السياسة؛ و أنّهم لا يلبسون أيّ ثوب سياسي مهما
كان.
حضور النائب محمد محمود ولد الغوث لوقفة ‘‘ إرواية كيفه ‘‘ أمام مباني
ولاية لعصابه ( 08 مارس 2018 م ) كان عامل دفع و نقطة فاصلة في نجاح
الحراك ؛ لكنّه أيضا جلب لها ضغائن و مكائد من حيث لا تحتسب .
فأولائك الذين تغيبوا من المشيخة التقليدية سوف يعمل بعضهم بكلّ جهد من
أجل إجهاض حراك ‘‘ إرواية كيفه ‘‘ أو النيل منها ؛ حتى لا يفوز عليهم غريمهم
بنقاط .
لا نستبعد أيضا من القوة الناعمة أن تتدخل بلطف و تثير الضغائن و القلاقل بين
مؤسسي أصحاب الحراك ؛ حتى لا يحرجوا الحكومة ؛ و يفضحوا أمرها ؛ و هذا
ما يفسر لك تهافت الوالي و الوزير الأول و الرآسة على إستقبال وفود هؤلاء
بالبشاشة و اللطف ؛ بدلا من العصي و مسيلات الدموع.
و على كلّ حال فأبطال الحراك في ‘‘ إرواية كيفه ‘‘ قد بلغوا المرام ؛ و سددوا
الرماية ؛ و أوصلوا الرسالة.
فطوبى لهم و حسن مآب.