معارضة جريئة في هذه المدينة
رغم القبضة الأمنية التي يحكمها النظام السوري على أحياء ومناطق العاصمة دمشق الخاضعة لسيطرة قواته، والعواقب التي تنتظرهم في حال اكتشاف أمرهم، أطلق ناشطون سوريون في مناطق سيطرة النظام بدمشق حملة رمزية تظهر تضامنهم مع جيرانهم المحاصرين في الغوطة الشرقية الذين يتعرضون لحملة شرسة غير مسبوقة من القصف والحصار من قبل النظام وداعميه.
وقالت الناشطة والحقوقية السورية سعاد خبية في منشور على صفحتها الشخصية على “فيسبوك” للترويج للحملة: “أنت سوري؟ تعيش داخل مناطق النظام؟ تشعر بالعار لما يتهمك به النظام من دعوته لإبادة أهالي الغوطة وذبحهم والتخلص من شرورهم أطفالا ونساء ورجال؟ تريد أن تفعل شيئا ولا تستطيع بسبب قبضة النظام الأمنية؟
اكتب أربع أو خمس كلمات لا أكثر لدعم أهلك بالغوطة وصورها بالموبايل مع إشارة للمنطقة والتاريخ دون أن تشير لاسمك وموقعك وأرسلها في فضاء النت”.
ولاقت هذه الحملة تفاعلا كبيرا من قبل عدد من الناشطين الذين قاموا بكتابة عبارات على أوراق بيضاء صغيرة حملوها بأيديهم وصوروها في شوارع بأحياء دمشق الخاضعة لسيطرة النظام وفي خلفية الصور تظهر معالم للمدينة العريقة للدلالة على المكان.
وكتب أحد الناشطين “رغم قرب المسافة (بين الغوطة ودمشق).. هذه الأوراق والدعاء هي كل ما نستطيع تقديمه لكم.. أنقذوا الغوطة”.
في حين كتب آخر: “في الغوطة الشرقية المحاصرة من لم يمت بالقصف مات بردا وجوعا وبين الأنقاض.. أهلنا في الغوطة من دمشق نحن معكم“.
بدوره كتب ناشط ثالث: “مع كل صدى غارة جوية قلوبنا تحترق عجزا عن إنقاذكم”.
وعلّق ناشط آخر: “نحن لسنا صامتين نحن فقط عاجزون وإياكم تحت تهديد السلاح والاحتلال.. أنقذوا الغوطة”.
والغوطة الشرقية ملاصقة لدمشق، وتشكل مع الغوطة الغربية ما يشبه الحزام حول العاصمة، وكانت من أولى المناطق التي شارك أهلها في الثورة ضد نظام الأسد عام 2011 ومن أولى المناطق الخارجة عن سيطرة قواته.
وتعرضت منطقة الغوطة لحملات عسكرية متكررة وقصف متواصل على مدار السنوات الماضية، وفي كثير من الأحيان يتم قصف المنطقة بالمدفعية من جبل قاسيون المطل على دمشق الذي تنتشر فيه وحدات من الحرس الجمهوري (قوات نخبة لدى النظام)، أو مطار مزة العسكري في قلب العاصمة، أو من خلال المروحيات التي تحلق فوق أحياء دمشق الخاضعة لسيطرة النظام وتقصف تلك الخارجة عن سيطرة قواته.
وتتعرّض الغوطة الشرقية منذ أسبوعين لحملة عسكرية تعتبر الأشرس من قبل النظام السوري وداعميه الأمر الذي أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى.
وتعد الغوطة وهي آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، إحدى مناطق “خفض التوتر”، التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانة عام 2017.
وتحاصر قوات النظام نحو 400 ألف مدني في الغوطة الشرقية، منذ أواخر 2012، حيث تمنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية لهم.
والسبت الماضي، اعتمد مجلس الأمن، القرار 2401، الذي يطالب جميع الأطراف بوقف الأعمال العسكرية لمدة 30 يومًا على الأقل في سوريا، ورفع الحصار المفروض من قبل قوات النظام، عن الغوطة الشرقية والمناطق الأخرى المأهولة بالسكان.
وفي مقابل قرار مجلس الأمن، أعلنت روسيا، الإثنين الماضي، “هدنة إنسانية يومية” في الغوطة الشرقية، بدءًا من الثلاثاء وتمتد 5 ساعات فقط يوميا، وتشمل “وقفًا لإطلاق النار يمتد بين الساعة التاسعة صباحا والثانية من بعد الظهر للمساعدة في إجلاء المدنيين من المنطقة”، حسب بيان لوزارة الدفاع الروسية.
إلا أن قصف النظام وداعميه ومحاولات تقدم قواته لكسب مناطق جديدة في الغوطة استمرت رغم “الهدن” المفترضة المعلنة.
عربي 21