وضعية لحراطين في موريتانيا وحال الأمريكيين السود فيما يتعلق بالهوية
25 فبراير, 2018 – 10:07
طلبت من الدكتور عبدالله ولد البيان، القاطن في بلاد العم سام ، ان يقدم لنا مقارنة لوضعية لحراطين في موريتانيا وحال الأمريكيين السود فيما يتعلق بالهوية.
ذلك ان الاستاذ محمد جميل ولد منصور آقام مقارنة لم تكن بالنسبة لي واردة بين علاقة عبيد الزنوج بالزنوج و بين عبيد العرب او البربر بأسيادهم، و كيف ان الاثنان يورثان الهوية لعبيدهم.
و أنا أرى أن السياقات تختلف و المآلات كذلك ! فعلاقة لحراطين من الناحية الهوياتية الصرف تشبه حالة السود الأمريكيين في علاقتهم بالانجليز او الأميركيين البيض ( أنصاره ).
لقد اجاد الدكتور بيان و افاد – كعادة تقدميي تواصل – حين اتفق معنا في ان “خصوصية لحراطين ، ثقافة و هوية قومية و حياة اجتماعية ، مختلفة عن العرب و البربر و الافارقة في هذه الربوع ” كما ان ملاحظاته في مجال المقارنة بين السود الأمريكيين و بين لحراطين كانت موفقة في اغلبها و لكن يسمح لي الدكتور ان اقدم ملاحظات جوهرية حول ما تفضل به مشكورا.
اولا انه ليست هنالك عبودية أفضل من اخرى .. فالاستعباد هو أرذل ممارسة عرفتها الانسانية .. ان تكون عبدا ، فأنت فاقد الكرامة بالفعل و بالقوة .. و المثل مضروب في القرءان ! و ان ما كان يمارسه البيض الأمريكان ليس ابدا ابشع مما مورس في هذه الارض ( ارض المنارة و الرباط) و ان محاولة البيض هنالك اضفاء اللبوس الديني على ممارستهم هو نفسه ما حدث هنا.
ثانيا : ان حال لحراطين اليوم في ادوابه و في الترحيل ليس أفضل من حال السود الأمريكان هنالك مهما كان سوء ذلك الحال، للاسباب التي ذكر الدكتور فالمخلفات النفسية و البنيوية لمرض اجتماعي كالاستعباد لابد ان تكون كذلك.
لكن الدكتور لم يذكرنا بان السود الأمريكيين أقلية و مع ذلك يتقلدون كل الوظائف بجدارة، و ان ترأس اوباما لفترتين دليل على تساوي الفرص بين الجميع، و ان شعار اوباما كان : ” نعم نستطيع ” yes we can ! و نُون الجمع هنا دالة على ” هوية الرجل ” ولم يصفه احد بالعنصرية و لا بنشر خطاب الكراهية و التفرقة “و خطابات السيدة الاولى وًردها الأخير على اترامب – حين هاجم الافارقة – كانت واضحة و قاضية و كذلك السناتور الامريكي الأسود الذي نشر تعليقه على نطاق واسع.
هذه كلها ادلة على ان الهوية بالنسبة للأمريكيين قضية يدافعون عنها! و لا تتعارض ابدا مع المواطنة و ما يترتب عليها من حقوق وواجبات ، و لا يعترض عليها اي أمريكي، ولم يقل لهم احد ” انتوم الا أنصاره” ربما لانهم لايحتاجون ذلك لتشريع و شرعنة تفوق عددي او عرقي ، كما هو حال اهل لخيام ….!
ثالثا : و هنا مربط الفرص، ان وجه المقارنة بالنسبة لي هو عندما يبرر الاخوة هنا عروبة لحراطين او اتبيظينهم بأنهم يلبسون الدراعة و الملحفة و يدخنون امنيجه و يتكلمون الحسانية ويستمعون للموسيقى.
فأقول لهم ان الأمريكيين السود يلبسون الجين و يدخنون السجاير و يتكلمون الانجليزية و يدينون بالمسيحية و لكنهم قرروا انهم افارقة – امريكيون! فكان لهم ذلك ! بل قال لي الدكتور كوك من جامعة ” أوهايو استيت ” حين شرحت له مفهوم “اتحرطين”، قال : ” اننا نحن حراطين امريكيون ! “
اما نحن هنا فلا نحتاج الى اسم و لا صفة و لا تاريخ و لا هوية فنحن ” ا حراطين و اخلاص ” .. ولكن حلمنا الوحيد هو ان يصبح الانتماء لموريتانيا كاف للحصول على الكرامة و الحقوق ! و هنا ، و هنا فقط ، لم نعد نحتاج لتحديد هوية غير تلك الجامعة المانعة ! و لكن هذا لم يحصل بعد …!
تحياتي و اعجابي بالدكتور عبد الله ولد بيان وبصديقي الاستاذ محمد جميل منصور