يها الوطنيون من سياسيين ونقابيين و إعلاميين و حقوقيين ..
أيها الشعب الموريتاني الصبور ..
تنزلق بلادنا يوما بعد يوم بخطى متسارعة نحو مهاوي سحيقة مفجعة، و تتأكد نذرها و تتلاحق مقدماتها باطراد بما لم يعد ، لشدة وضوحه، بحاجة لنقاش أو إثبات.. فالأحداث و الوقائع تتكلم عن نفسها . فموريتانيا هذه الأيام كالفريسة تتجاذبها أطراف تتنافس في حدة الوحشية عليها للقضاء على هذا الكيان السياسي ، الذي يتطلع للاستقرار منذ 1978، على إثر تدخل الجيش في لعبة الحكم و الصراع السياسي في البلاد. إن تلك الأطراف التي تتنافس ، اليوم، لوضع حد لوجود البلد هي البطالة التي تسحق مئات الآلاف من الشباب الموريتانيين، و الانهيار الاقتصادي و التمزق الاجتماعي و الانحطاط القيمي غير المسبوق في كنف أزمة سياسية خانقة شهدت تراجعا خطيرا عما تحقق من مكاسب في مجال الديمقراطية و الحريات السياسية بشكل خاص ، و مستقبل اقتصادي مسدود، حتى بات الجميع يتحدث عن انفجار وشيك للبلد ، و اشتعاله بحروب أهلية ، خصوصا مع رواج الاستخدام الفوضوي المشبوه لوسائط التواصل الاجتماعي الحاملة لروح العدائية الشرائحية و تكثيف و تشجيع دفع الجرائم بالجرائم و الآثام بالآثام لدفع هذا الشعب المغلوب على أمره، المنهوك بالمرض و الأوبئة الممزوجة بالأمية و الخنوع، إلى فاجعة الاقتتال المجتمعي، بهدف منع التفكير، أحرى الأمل، في التغيير لأوضاعه نحو الأحسن. فالبطالة المرعبة و انتشار المجاعة و العطش في أوساط عريضة جدا من المجتمع و خاصة من الشرائح الأكثر هشاشة تاريخيا، و استمرار الظلم في التوزيع العادل للثروات الوطنية، و تأجيج الأحقاد و خطابات الجهالة و الغوغائية و العنصرية ، استبطانا لها، بتواطئ من السلطة ، و تفشي الرشوة و المحسوبية و الفساد في كافة مرافق الدولة الخدمية و الإدارية ، فضلا عن إغراق البلاد بالمخدرات و إفساد الأحداث و الشباب بها لتعطيل دورهم في التغيير، و التغاضي، حد التواطئ، عن حملة الفكر المتطرف في الدين إلى جانب اتساع مواز، و باتجاه مضاد، لفضاء الزندقة و العقوق و الإلحاد، و كذلك التعامي عن موجات تسونامي المهاجرين إلى بلدنا، الذين قد يتجاوزون قريبا عدد سكان البلاد ، كلها عوامل صادرة من أطراف تنموا بطمأنينة مناسبة و في ظل نظام سياسي أقل ما يقال عنه : إنه لم يعد يمتلك القدرة على مواجهة هذا الانهيار الشامل للدولة و المجتمع، بعد ما غض الطرف عن بواكيره ، منذ سنوات، الأمر الذي لم يعد يطاق ، حتى أصبح الشعب يخشى على وجوده و بقاء كيانه السياسي الجامع، و ديمومة منظومته القيمية و الاجتماعية.
إننا في حزب الوطن ، إذ نعبر عن مستوى الارتعاب الذي يعيشه شعبنا هذه الأيام – و هو يواجه واقعا فاجعا اقتصاديا و أنيما ، و صادما سياسيا و مجتمعيا- فإننا :
– نناشد النظام الحاكم ، في أعلى هرمه و كذلك الدائرة الملتفة حوله إلى الإسراع في فتح حوار وطني شامل وجاد بين جميع القوى الوطنية ، كما ندعو المدافعين عن سياسته، و نتضرع للعلماء و المشاييخ ، و نتوسل إلى المؤسسات المؤهلة ، و نهيب بكل ذي حظوة اجتماعية و نفوذ مادي و أدبي في شعبنا إلى تدارك بلادنا قبل أن تدخل في المصير الفاجع الذي آلت إليه أقطار عربية و إفريقية ، باتت اليوم نارا تشتعل بعدما كانت آمنة مطمئنة، فذاقت لباس الجوع و الخوف.. و ذاقت نكال أمرها و كان عاقبة أمرها خسرا.
– ندعو المعارضة الوطنية إلى الارتقاء بخطابها السياسي و المجتمعي و الابتعاد عن الارتجالية في المواقف و ردات الفعل الآنية ، التي تجلب من السلبيات أكثر مما تاتي به من إيجابيات ،خصوصا تلك التكتيكات الانفرادية على حساب السعي للتوافق الاستراتيجي الذي كان مبررا لتشكيل قوى المعارضة في مجموعة الثمانية.
نواكشوط، بتاريخ 29/02/2018
القيادة المركزية