عادة لا أحب التحدث عن فترة كنت خلالها تحت العلم ويمنعني واجب التحفظ و اعتبر أن اغلب الأمور التي حدثت أمامي و ان كنت شاهدا على بعضها او تحصلت على تفاصيلها من الملفات او غيرها من المصادر المعلومة لم يحن الوقت بعد لإثارتها لدواعي كثيرة .
لكن احتراما لبعض المدونين الذين ينشرون بعض المعلومات بحسن نية دون ان يكون القصد من ذلك الإساءة لأي كان سأفرج عن قليل من تفاصيل المحاولة الانقلابية الذي حدثت و خلفت ما خلفت للأسف الشديد يومي 8 و 9 يونيو 2003.
سأتحدث فقط عن ظروف مقتل العقيد المرحوم محمد الأمين ولد أنجيان رفعا للبس مع أنني كنت أريد أن لا أخوض في هذا الجرح العميق .
المرحوم علم بالمحاولة في وقت مبكر من مساء يوم 7 يونيو عن طريق ضابط ما زال في الخدمة لكنه لم يأخذ البلاغ علي محمل الجد و اعتقد ان ذلك يدخل في إطار الصراعات بين الضباط و كذلك لأن الضابط لم يحدد له التوقيت بدقة و طلب المرحوم من الضابط المذكور ان يعمق البحث في القضية و أن يوافيه بأي جديد .
قبل خروج الدبابة الأولي من كتيبة المدرعات بفترة وجيزة جاءت الأخبار هذه المرة بدقة إلي المرحوم محمد الأمين ولد أنجيان مباشرة بعد ذلك تحرك العقيد إلي مكتبه و بدأت مع الرئيس التواصل و كذلك مع قادة الوحدات و هذا ما نتج عنه أن الانقلاب لم ينضم إليه أي قائد وحدة عكس ما يحدث عادة .
سأتجاوز الكثير من التفاصيل هنا و التي امتلكها بعضها بدقة لأصل إلي بيت القصيد ففي صباح يوم 8 يونيو سيطرت بعض الدبابات علي مقر قيادة الأركان بعد قصف مكثف أدي الي حدوث قتلي و جرحي خاصة في مقر كتيبة القيادة و الخدمات في الطرف الجنوبي من قيادة الأركان .
و تمركزت احدي هذه الدبابات في مواجهة قيادة أركان حيث كان مبني الدرك يوجد خلفها و كانت فوهة مدفعها تتجه صوب الغرب في اتجاه نافذة مكتب قائد الجيش و كانت تقف قرب عمود للكهرباء كانت توجد عنده سابقا نقطة لتزود بالوقود و كانت يوجد يمين الدبابة مبني كان يحتضن مقر كتيبة القيادة و الخدمات قبل ان يتم بناء مقر جديد لها .
هذه الدبابة كان يقودها إمام مسجد كتيبة الدبابات الملازم موسي ولد سالم و كان يتلقي الأوامر في بعض الأحيان من الملازم الأول محمد ولد حم فزاز(لا يوجد تأكيد لأي دور له في مقتل المرحوم) .
كان قائد الأركان يجري الاتصالات مع قادة الوحدات و سجلت له مكالمات حتى مع خواص الي غاية الساعة 10 و 10 دقائق تقريبا .
قبيل هذا التوقيت وصل الرائد السابق صالح ولد حنن الي مقر قيادة الأركان بعد ان تم اعتقال اغلب قادة المكاتب فيها و أخي الملازم أول سعدن ولد حمادي ادري بتلك الاعتقالات و ما حدث فيها من فكاهة ليست في وقتها (انوه هنا ان سعدن ليست له أي علاقة بمقتل المرحوم محمد الأمين ولد أنجيان ).
الرائد صالح طلب من العقيد انجاي انجوار و هو من أكثر الضباط ثقافة و كان مستشارا للمرحوم أن يصعد إليه و أن يطلب منه النزول من اجل النقاش معه مع تهديد بقصف المقر إذا لم ينفذ ذلك الأمر .
العقيد انجاي انجوار الذي لم يشاهده أي عسكري و هو يحمل سلاحا منذ فترة بعيدة لأن مهمته أصبحت أكثر في التخطيط منها في العمليات صعد الي قائد الأركان و كان اعزل كعادته و وقتها كان العقيد الشيخ ولد اشروف(الذي يتهمه البعض) و آخرون في عهدة “سعدن” و بعد فترة وجيزة عاد العقيد انجاي انجوار بجواب العقيد المرحوم محمد الامين ولد انجيان انه لا يناقش مع “الانقلابيين و المتمردين” هذا الجواب اغضب الجماعة و بعد دقيقة واحدة انطلقت قذيفة التحذير الأولي التي كانت كاريثية حيث أصابت قائد الأركان و عسكري أخر يلازمه هو المرحوم المختار و قد وجد جثمان العقيد المرحوم بعد ذلك هو علي الأرض و كان يمسك سماعة الهاتف الثابت لمكتبه مما يعني انه لم يضطرب من تهديد الجماعة و كان يمارس عمله لحظة إصابته .
أشير فقط للفائدة ان الملف الخاص بالقضية كان يحوي و هذا مؤكد صورتان التقطتا خلسة من احد مكاتب الدرك للدبابة قبل و بعد عملية إطلاق القذيفة و توضح الصورة الثانية مكان دخول القذيفة من الحائط الشرقي لمكتب قائد الأركان و هي الاثار التي بقت لأيام و كل ضباط و ضباط الصف و جنود قيادة الاركان شاهدوا اثر القذيفة الوحيدة في الجدار الشرقي لمبني قيادة الاركان .
هذه هي الحقيقة المرة التي لم أكن أحبذ أن أتحدث عنها و لكن نتيجة حق احترام الذاكرة لهذا الرجل الذي لم توفيه موريتانيا حقه و أمام سيل الترهات التي يمطرنا بها البعض عن حسن نية و غير ذلك فقد أرغمني ذلك علي البوح ببعض التفاصيل المؤلمة و الصادقة و المؤكدة و هي تفاصيل قليلة من اخري لم يحن الوقت بعد لتناولها .
رحم الله العقيد المرحوم محمد الامين ولد انجيان و كل من توفي في ذلك اليوم الاسود من شهداء الوطن و عوضهم اللهم بالجنة و الرضوان.
محمد ماليكيف