شاعر لبحير / عمدة احسي الطين عبدي و لد اسماعيل ج 3
أنتم الآن مع شاعر: البحير, شاعر لسان الضاد, شاعر المقاومة الخالدة, شاعر الحماسة: فلولا كتاب حوى شعر الحماسة والندى.., أنتم مع: محمدي ولد أحمد فال البحيري الجكني صاحب الرقم: 999 ولد في عام: 1909 في البحير بحير العلم والعلماء, والشعر والشعراء, بحير الصفو واللهو والأنس.., وتوفى والده في وقت مبكر فعاش يتيم الأب, غير يتيم الأدب, ……………………..إنّ اليتيمَ يتيم العلم والأدب
وقد بدأ رحلته العلمية منذ نعومة أظافره: فأخذ سندا في القرآن الكريم, من محظرة محمود ولد الحبيب, ودرس الفقه ومبادئ اللغة العربية في محظرة أهل أبات في تكانت, ومن ثمّ توجه إلى ابن عمه البيضاوي باشة تارودات بالمغرب, وتعلم وعلم في مدارسها, ومن هناك صعد في سلم الطيران {في رحلة ذهاب وعودة} فشدّ المحزم ورفع المسند وكف عن التدخين أثناء الإقلاع, وهبطت به الطائرة في مدرجات الجامع الأزهر واقتطف من أزهاره ما شاء الله, ومن ثم زار الحجاز ولبنان وبلاد الشام وبلاد الرافدين فتجول في شوارع بغداد, وشرب القهوة العربية في مقاهي الرصافة, ومن هناك رأى ما رأى: إذا أنت أرسلت طرفك رائدا…عيون المها بين الرصافة والجسر…فأخذ من كل الروافد أحسنها وأينعها وعاد إلى البحير: صبرنا وهاجرناك في الشرق تسعة**وآبتْ بنا ذكرى مواضيك بالأمس, وقضى فيه باقي عمره, مسخرا فكره للوطن, مسلطا لسانه عل المستعمر ولغته, إلى أن تغمده الله برحمته 1969 في كيفه ودفن في أم لخبر, وبحكم ما شاهد من الحضارة والنضارة وما خالط من الأقحاح كابن عمه البيضاوي القائل:
من زار باريز واستجلى راوائعها**فقد عاد من رحلته متصفا
بالصفات التي وصف ناقدنا السابق/ محمد المصطفى ولد دداه:
حسان شعر على التجديد مقتدرٌ***إن شاء إنشا أوْ شاء للقريض وشا
صفى المعاني عن رواق فكرته***فدبَّ ما رق من رواقه ومشى
قصيدة البحير:
ألا يا بحير الصفو واللهو والأنس***عليك سلام الله يا وجنة الشمس
عليك سلام الله يا مرتع الصبا***ويا مجمع الأحباب والأهل والجنس
ويا ثمرة الألباب يا روضة الهنا***ويا مُذهب الآلام في الروح والنفس
ويا موقد الأشواق جئتك ثانياً***ولكن برق الشيب يبدو على رأس
فلم تُسلني مصر وزهو نعيمها***ولمْ يسلني منها سريرٌ ولا كرسي
ولم تسلني لبنى ولا البين والنوى***ولم أنس لا أنسى ولو كنت في رمسي
ملاعب للغزلان حول ربوعها***كساها نسيم المسك بالورد والورس
شربنا مُدام الحب فيها صبابة***عهود صبانا الغضِّ والكأس بالكأس
ليالي خوْد الحيِّ يُغرين بالهوى***يواصلننا همساً ويبخلن باللّمس
صبرنا وهاجرناك في الشرق تسعة***وآبتْ بنا ذكرى مواضيك بالأمس
فابنا بحمد الله في بارق المنى***وكنا قبيل اليوم في حالك اليأس
تمتع فؤادي بالبحير وأهله***وليس عليك اليوم يا قلب من بأس
لسان الضاد يرمق بالعيون:
لسان الضاد يرمق بالعيون***إليك اليوم مؤتمر العيون
ففكر في ديون الضاد حلَّتْ***أمؤتمر العيون في بالديون
فطور الشعب كان على منام***تطور بعده طور الجنون
لسان العرب فارغة فؤاداً***كفاها من جفا ويْ ونون
بريعان الشباب زهت وتاهتْ***فهي اليوم يانعة الغصون
فرسمها وإن غضبتْ أوربا***وخلِّ النوم ينعم بالجفون
وخلِّ رطانة هرمت وشابتْ***فهي اليوم موشكة المنون
لسان الضاد ويحك ما الجواب:
لسان الضاد ويحك ما الجواب***لما فعل الغطارسة النواب
وما هذا التهاون والتواني***وما هذا الهجوم والانسحاب
هجوم المجلسي الوطني علينا***بمأساة يشيب لها الغراب
مآمرة جنت برمت بليل***أقاموها وقدْ سدَّ الحجاب
إذا كان الجواب لسان قوم***أعاجم لا يتم به الخطاب
لسان الروم جرت إليك عنا***فدعْ واذهبْ فحان لك الذهاب
لسان الضاد لا تخف فإنا***ليوث الأسد دونك لا نهاب
الله أكبر قد أحكمت يا باني
الله أكبر قد أحكمت يا باني***بنيان أندلس أم أيّ بنيان
مختار يا منشئ الأوطان من عدم***أجبْ سؤال دهيش الفكر حيران
أهذه إرم الفرقان تنشئها***بنات جن بأمر من سليمان
أمْ هي باريز في أيام نهضتها***تجلو نضارة نابليونها الثاني
أمْ قصر إشبيليا أيام زهرته***ترنو له العين من حسن وإتقان
يا نعمها طرقاً سودا معبدة***تمتد شرقا وغرباً بين عمران
كأنها قطع الزاجات هندسها***فنان رومة أوْ فنان يونان
تكادُ تختطف الأبصار لامعة***كأنما طليت من زيت دهان
أيا عيد عدْ لي مرة
أيا عيد عدْ ليَ مرة بعد مرة****لك الله يا عيد الهنا والمسرة
فأيامك الغرُّ الميامينُ نزهة***تحن لها أرواحنا حيث مرت
فعدْ لي رعاك الله لا زلت عائدا***على راية خضراءَ تحميك حرة
على أمة تفديك في كل موطن***ترد الأعادي كرة بعد كرة
فصرَّتْ على استقلالها بفعالها***فآلتْ يميناً تستقلُّ فبرت
ولكمْ حاول الساعون بالسعي ضرها***وما ضرها الساعون مثقال ذرة
ويقول مقدم العرض في شاعر لبحير شعرا:
طريف من قريض فتى البحيري***بديع الشكل منقطع النظير
يذكرني لرقته بقيس***وأشعار الفرزدق معْ جرير
وإنْ تُحك القصائد في دفاع***عن البلد العزيز فكالحرير
فما أشهى البحوث إذا تسامتْ***وكان البحث في بطل بحيري
رحم الله برحمته الواسعة الشاعر محمدي ولد أحمد فال الجكني.