ترأس رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم الإثنين بمدينة كيهيدي عاصمة ولاية غورغول، مهرجانا شعبيا حاشدا شاركت فيه مختلف مقاطعات الولاية وفعالياتها السياسية والاجتماعية والشبابية والنسائية والمهنية والمدنية والحزبية.
وقال رئيس الجمهورية في بداية المهرجان أن الذاكرة تعود به كلما جاء إلى هذه المدينة، إلى أيام خدمته فيها قبل 30 سنة مضت، وهو ما يعيد إليه ذكريات طيبة في هذه المدينة الجميلة.
وقال ان سكان كيهيدي وموريتانيا بشكل عام انتخبوه لترميم الوحدة الوطنية وتعزيز وحفظ امن واستقرار البلد، وها هو البلد يعيش في وئام وتضامن.
وأضاف أن هؤلاء انتخبوه كذلك للرفع من خدمات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه وها هو البلد يعيش نهضة في شتى المجالات والمسيرة مستمرة مهما كانت التضحيات ومهما كلف الثمن، خدمة للشعب الموريتاني وبفضل تضحياته واندفاعه ومثابرته.
وأكد أن هؤلاء الناخبين لن تنطلي عليهم الأكاذيب والأراجيف التي يروجها البعض من الذين يعرفهم الجميع.
وقال ان الديمقراطية ظاهرة من سمات الدولة لكن المعارضة فيها يجب أن تكون مسؤولة ووطنية، تنتقد وتوجه وتطرح البدائل الموضوعية وليست تلك التي تجري وراء المصالح الشخصية وتعمل على إعادة البلد إلى الفساد والرشوة والمحسوبية.
وأضاف انه في أعقاب الحوار الوطني الشامل تم التوصل إلى اتفاق سياسي يتضمن إصلاحات تهدف إلى تحقيق التنمية وتعزيز المكتسبات في جميع القطاعات، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية وتعزيز حرية التعبير، مبرزا أنه لا يوجد في البلاد اليوم سجين سياسي واحد.
وقال بخصوص إدخال تحسينات على العلم الوطني إن هذا العلم ليس قطعة قماش كما يصفه البعض وإنما رمزا وطنيا تتوارثه الأجيال ويرمز لسيادة الدول في كل مكان خصوصا في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية.
وأوضح أن الألوان التي كانت في العلم ما تزال فيه وشعاراته لم تتغير ولا تزال ساحته خضراء بهلاله ونجمته الذهبيين، والتغيير الذي سيدخل عليه ينحصر في خطين أحمرين في الأعلى والأسفل والهدف منهما توحيد الذاكرة الجمعية وترسيخ وتقوية الروح الوطنية وتخليد ذكرى شهداء المقاومة وأبطال الجيش الذين أريقت دماؤهم دفاعا عن شرف البلاد واستقلالها ووحدتها الترابية.
وأكد أن التصويت على العلم الجديد يعتبر توقيعا شخصيا لكل واحد منا على دعم المقاومة وتثمين ما قدمه الشهداء من تضحية وفداء ولا نتوقع أن يتخلف مواطن مخلص لوطنه عن التعبير عن احترامه وإكباره للذين سقطوا في ساحات الشرف.
وأكد رئيس الجمهورية بخصوص التعديلات الدستورية أنها تعبر عن مخرجات الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه عشرات الأحزاب من الأغلبية والمعارضة إلى جانب النقابات والمجتمع المدني والفعاليات الشبابية والنسوية والشخصيات الوطنية المرجعية.
وأضاف أن ذلك استهدف إدخال إصلاحات سياسية واقتصادية وحضارية مهمة تشمل أولا إلغاء مجلس الشيوخ على أساس تقييم موضوعي لتجربة هذه المؤسسة طيلة ربع قرن ولا يستهدف مصالح شخص محدد ولا مجموعة سياسية ولا فئوية ولا يقلل من قيمة فرد أو مجموعة، وإنما يسعى إلى تحقيق مصالح وطنية عامة وترشيد ممتلكات عمومية وترسيخ الممارسة الديمقراطية من خلال الاعتماد على الانتخابات المباشرة لاختيار جميع ممثلي الشعب في السلطة التشريعية بالاقتراع المباشر.
وأضاف أن طريقة انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ غير مباشرة ومقتصرة على لائحة انتخابية محدودة قد لا تتجاوز في بعض الدوائر 11 ناخبا، مما يعرض العملية الانتخابية لتأثيرات تحد من شفافيتها وتعرض الناخبين فيها لعوامل متعددة تؤثر سلبا على الممارسة الديمقراطية في مستوى الاختيار والتنافس.
وأوضح أن هذا الإلغاء يهدف كذلك إلي تبسيط مسار الإجراءات التشريعية فوجود مؤسستين تشريعيتين يعيق سرعة المداولات والمصادقة على القوانين.
وأضاف أنه سيتم كذلك توسيع دائرة مشاركة الشعب في اختيار ممثليه ولهذا الهدف تم توسيع الدائرة الانتخابية للجمعية الوطنية ب 40 مقعدا /لائحة الأحزاب ولائحة النساء/.
وأبرز أن تطور الديمقراطيات في العالم مر عبر تقليص أو إلغاء مؤسسات دستورية تبين أنها أصبحت عبئا على الممارسة التشريعية ولم تعد جسما ديمقراطيا واضح المردودية أو الفائدة ولهذا تم إلغاء غرفة الشيوخ في بعض الدول.
وأشار إلى أن التعديلات تشمل كذلك دمج بعض المؤسسات الدستورية لترشيد النفقات وتقريب الخدمات من المواطن، وهكذا تم اقتراح دمج المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية في هيئة الفتوى والمظالم، فضلا عن إلحاق البعد البيئي بمهام المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وأعرب عن ثقته بان سكان غورغول سيصوتون بنعم وبأغلبية ساحقة لصالح موريتانيا متقدمة متصالحة مع نفسها وترفض التبعية، مبرزا أن التصويت بلا معناه الوقوف في وجه الوحدة الوطنية والتنمية الشاملة وتوفير الخدمات وازدهار موريتانيا وتقدمها.
وشكر رئيس الجمهورية في نهاية خطابه سكان غورغول على حضورهم المكثف لهذا المهرجان وحماسهم الذي يعكس تعلقهم بما تحقق في البلاد.
وقال سيادته إنه سيخلد الذكرى المقبلة للاستقلال الوطني في مدينة كيهيدي من اجل إكمال النواقص وتشخيص المشاكل وتقديم الحلول لها وتعزيز المكاسب التي تحققت في هذه الولاية خلال السنوات الماضية.
وترحم رئيس الجمهورية في ختام المهرجان، على المرحوم با امباري، رئيس مجلس الشيوخ السابق مشيدا بوطنيته وبخصاله الحميدة ووفائه بالعهد، كما ترحم على شيخ مقامه كان آمادو تيجان، الذي أناب وهو على فراش الموت من يصوت عنه بنعم في اقتراع الشيوخ على التعديلات الدستورية المقترحة، مشيدا بوطنية هذا الشيخ وبتفانيه في خدمة الوطن.