أعلن اليوم الجمعة في وزارة الخارجية الموريتانية عن تعيين محمد موسى ولد باباه قنصلا في برازفيل خلفا للقنصل السابق أحمد ولد المختار ولد بوسيف.
و تعيش في الكنكو ابرازفيل جالية موريتانية كبيرة.
هذا القنصل ينحدر من مدينة لخذيرات و هي تقع في أقصى الشرق من ولاية لعصابه على بعد سبعين كلم من عاصمة المقاطعة ؛وهي ضمن سلسلة قرى ومدن على طريقة الامل تابعة لبلدية اغورط.
وفي الشهور الأخيرة حظيت بنشاط محموم تارة يحمل طابعا رسميا أثمر في بعض الأحيان تدشين معهد يدرس العلوم الإسلامية؛وتارة تكون الزيارات بطابع حزبي يلبس ثوب القبلية.
ومن الغريب أنّ هذه المدينة يتكون نسيجها الاجتماعي من عدة قبائل؛وكثافتها السكانية ضئيلة؛ولا توجد فيها مشيخة تقليدية ؛ وهي التي من العادة يدللها النظام ويحافظ عليها؛ويستنفر لها كلّ الوسائل من أجل بقائها؛وخاصة في المواسم الانتخابية.
هذه المدينة في المواسم السياسية تهيمن عليها قوتان تقليديتان إحداهما في واد أمّ الخز والأخرى في دسق؛وحسب علمنا أنّ الثانية كانت مغيبة تماما عن استقبال الوزير الأول بسبب الطابع القبلي؛وأمّا المشيخة الأولى فهناك امتعاض مبرر منها من هذه الحفاوة الكبيرة التي تسلط الأضواء على قلبها ؛ وتهمّش الوجه الذي هو واجهة كلّ مجتمع وعنوانه؛و هناك قوّة تقليدية ثالثة حاضرة تعتبر نفسها واسطة العقد بسبب ما تحظى به من علاقات مع جميع الأطراف.
و هناك من كان يرى في زيارة الوزير الأول ووزراءه الماضية لافام لخذيرات:
ترسيخ للقبيلة وتشجيعها حتى تحلّ محلّ الدولة في وجدان العامي البسيط؛الذي لا يقرأ ولا يكتب؛ولا يفقه من الشأن العام إلا قدر ما يميز به بطاقة الحزب الحاكم يوم التصويت له.
ويرى فيها تفتيت المجتمع وكيانه القبلي وضرب بعضه ببعض؛وبعثرته بكثرة المرجعيات التقليدية والدينية.
و يرى فيها إلهاء للمواطن عن شأنه العام وعن حقوقه الطبيعية في الماء والصحة والتعليم.
و يرى فيها المتاجرة بوظائف الدولة وتقديمها رشاوى في الحملة المقبلة للإنتخابات؛مما يشكل كارثة حقيقية على مستقبل الدولة حين يكون الشخص المناسب في المكان الغير المناسب.
و لذا و من هذا المنطق يرى البعض تعيين الشاب الكفء محمد موسى ولد باباه جاء من هذه الزاوية؛فالشاب له خبرة في العمل الدوبلماسي؛وكفاءة عالية في المحصول الدراسي؛لكن هذا لم يشفع له و لأمثاله؛فقد كانت طاقته معطلة و مهملة حتى أنفق هو وقومه الملايين بعضها في حفلات و مهرجانات من أجل البرهنة على الولاء المطلق للحزب الحاكم.
و كان آخر تلك الحفلات ما أقيم للوزير الأول من بذخ من أجل إستقباله في مدينة القنصل.
لكن يتساءل البعض كم كلّف هذا القنصل هو و قومه من المال وسكب ماء الوجه حتى نالوا به الاعتبار؛ و التعيين لاحد أبنائهم؟.
أهل لخذيرات وخاصة من منهم كان يتصبب عرقا بسبب جرف الأرض وبناء الخيام حتى يجد ضيفهم الكبير راحته حين زارهم؛ يستحقون الوظائف السامية لأنّ فيهم الكوادر التي قتلها التهميش وهجّرها عن وطنها؛ويستحقون كذالك الصحة والتعليم فالمرض والجهل فرّخ في أبنائهم؛ويستحقون كذالك قروضا ميسرة لفقرائهم الذين يتعففون عن المسألة ولو كانت من المال العام.
لكن أهل لخذيرات لا يريدون كذالك المتاجرة والدعاية ودغدغة المشاعر وجلب الضغائن من زيارة للوزير الأول؛ كان يرجى منها الخير الكثير.
زيارة كلّفت الملايين في قراها؛فكافأها الوزير بتعيين لا يسمن و لا يغني من جوع؛هكذا قال أحدهم.
