بعد انضمامها للتحالف العسكري.. باكستان في الشرق الأوسط
بانضمام باكستان إلى التحالف العسكري الإسلامي ممثلة في رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال رحيل شريف إلى جانب خمسة آلاف رجل من الجيش، بدأت باكستان التدخل في شؤون الشرق الأوسط. في أحسن الأحوال، يمكن أن يُفسر هذا على أنه تدخل في الشؤون العربية من قِبل تحالف يرأسه ممثل دولة غير عربية.
باكستان دولة إسلامية – أو بلد مسلم نظرًا للنسبة الساحقة للسكان المسلمين – مثل معظم بلدان الشرق الأوسط، لكن الخلفية الثقافية الباكستانية أكثر آسيوية منها عربية. باكستان لا تفهم الثقافة العربية تمامًا، والتي تنبع من الممارسات المعيارية للقبائل الرُحل والمليئة بالمنازعات والعداءات التاريخية الغارقة في الصراعات الطائفية.
طبيعة تقاتل الجيوش العربية ضد بعضها في أسلوب الحياة الصحراوي تحمل نظرة متباينة عن تلك المعتادة في بلد زراعي مثل باكستان. لا يمكن معرفة كيفية تعامل الجنرال شريف مع هذا التحدي. ثانيًا، لم نعرف بعد ما حدث للشرط المسبق الذي فرضه الجنرال شريف بأنه لن ينضم إلى الرابطة إلا عندما تصبح إيران جزءًا من التحالف.
تفيد التقارير أن الغرض العام من التحالف العسكري الإسلامي المُكون من 41 دولة، والذي تم تشكيله في ديسمبر 2015، هو “تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا ومصر وأفغانستان”. هذا هو السبب في أن الجيش الإسلامي يطلق عليه أيضًا اسم تحالف مكافحة الإرهاب، في حين أن الغرض المُحدد من الرابطة هو مساعدة المملكة العربية السعودية على حماية منطقتها الجنوبية المتاخمة لليمن ضد المتمردين الحوثيين.
رغم الأساس المنطقي لتشكيل التحالف، إلا أنه يحمل طابعًا طائفيًا بالضرورة، حيث تم استبعاد إيران والعراق وسوريا التي يسيطر عليها الشيعة. هذه النقطة لها تداعيات اثنان. أولًا، باسم مكافحة الإرهاب، سلط التحالف الضوء على الانقسامات الطائفية ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن في بقية البلدان الإسلامية كذلك. ثانيًا، استبعاد البلدان التي يهيمن عليها الشيعة هو بمثابة ربطها بخصوم التحالف. هذه رسالة خائنة جدًا.
حتى لو افترضنا أن أحد أهداف التحالف هو حماية البلدان المُسلمة من جميع الجماعات والمنظمات الإرهابية، فالرابطة فشلت في معالجة قضيتين. الأولى، مكافحة الإرهاب بالقتال ليست بديلة عن مكافحة الإرهاب على مستوى المناقشات. من حيث المبدأ، كان ينبغي الترويج للمناقشات للتأثير على قلوب وعقول المسلمين.
الثانية، على خلفية الصراع بين المملكة العربية السعودية وإيران من أجل التفوق في الشرق الأوسط، فالتحالف يقدم فرصة للمملكة لتأكيد دورها السياسي المهيمن في الشرق الأوسط على حساب أي دور مناظر من إيران.
من حيث المبدأ، لا توجد مشكلة في التنافس السياسي، إلا أن التحالف الدولي يميل إلى خدمة الأهداف السياسية أكثر من حماية البلدان الإسلامية من جميع الجماعات والمنظمات الإرهابية خارج الشرق الأوسط.
بدلًا من توحيد المسلمين تحت راية واحدة، قسم التحالف المسلمين طائفيًا محليًا ودوليًا. المؤسف في الأمر أن انضمام باكستان إلى التحالف من خلال قائد الجيش السابق والجنود جعل باكستان جزءًا من محاولة لخفض المسلمين الشيعة في الشرق الأوسط وجعلهم منبوذين.
شهد تاريخ القرون الثلاثة الماضية أن الشرق الأوسط استمر تحت إدارة قوة إمبراطورية خارجية، سواء كانت العثمانية أو أوروبا الغربية (بريطانيا وفرنسا) أو الولايات المتحدة. بشكل متسلسل، منح كل منهم سلطة مركزية بديلة للشرق الأوسط للالتفاف حولها. هذا يعني أن الشرق الأوسط توصل إلى وجود مُشرف خارجي خارج المنطقة، حيث لم يشهد الشرق الأوسط إشراف أي دولة عربية عليه.
بهذه الطريقة، فوجود الانقسامات العربية العربية، بجانب غياب أي مركز محلي تصالحي هما المشكلتان الرئيسيتان اللتان تعرقلان الشرق الأوسط. من المثير للاهتمام أن هاتين المشكلتين تجذبان مُشرفًا مهتمًا بالمنطقة.
على هذه الخلفية، من ناحية، قد يُنظر إلى التحالف على أنه يقدم بديل لأي إشراف خارجي. بينما من ناحية أخرى، يعبر التحالف عن التوق للقيادة السياسية العربية. هذه هي الطريقة التي تزرع بذور الصراعات المستقبلية في الشرق الأوسط.
في الوقت الذي أعلن فيه التحالف أنه “سيعمل وفقًا لأحكام الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن الإرهاب”، إلا أنه ينبغي أن يعمل إما تحت إشراف منظمة التعاون الإسلامي، وليس خارجها كمنظمة موازية. في الواقع، عكس تشكيل التحالف الرسالة إلى الدولة المحظورة في منظمة التعاون الإسلامي.
يمكن أن يُقلل دخول باكستان عن طريق الجنرال شريف والجنود من دور الدول الغربية (مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) في الشرق الأوسط، لكنه لا يخلو من آثار دائمة. من المثير للاهتمام أن جهود تقاسم الأعباء مرهونة بثلاثة تداعيات على الأقل. أولًا، في الشرق الأوسط، الإسلام السياسي لديه فرص جديدة للازدهار، خاصة بعد الفوضى في فترة الربيع العربي ما بعد عام 2010. في الشرق الأوسط، رغم أن الإسلام السياسي تشكل عربيًا في هيئة داعش، إلا أن هذه الأيديولوجية لها ما يعادلها في مدرسة ديوبند الفكرية في باكستان.
ثانيًا، ربما يكون الشرق الأوسط أكثر المناطق التي تعاني من الأزمات في العالم، والتي لديها القدرة على نقل الإرهاب إلى أرض الدول المعنية بتصحيح أي توازن للسلطة في الشرق الأوسط. من خلال الهجمات الإرهابية منذ عام 2015، تعلمت أوروبا هذا الدرس بالطريقة الأصعب وانسحب تقريبًا من الشرق الأوسط.
لا يمكن لباكستان أيضًا أن تبقى في مأمن من الهجمات الإرهابية المماثلة. ثالثًا، إشراك التحالف في أي نزاع طائفي في الشرق الأوسط من شأنه أن يثير لهيب الاضطرابات الطائفية في باكستان.